دائما أقرأ عن النساء القويات، المثابرات، من عانين فنجحن، من اجتهدن فبلغن القمة،
من تسلقن فوصلن، لكن في الاقامة الجامعية الثالثة من عين الباي عايشت بعضهن،
وهن كثيرات اخصص هذه الصفحة لأتحدث عن احداهن.
هي منى بركات: يتساءل من يلمحها عن إيجابيتها وعن سبب شخصيتها القوية، وعن الطريق الذي سلكته لتصل إلى ماهي عليه الآن.
ولدت ابنة ولاية سوق اهراس في 06جانفي 1998 ، كانت طفولتها عادية كأقرانها، لعب، دراسة واستكشاف لخبايا هذه الحياة بشغف، إلى أن وصلت إلى سن ال11 وفي عام 2010 كانت تدرس في السنة الاولى متوسط، هذا العام الذي فُرض عليها فيه البلوغ في غير وقته، فُرِض عليها فيه أن تكون كبيرة. هي حمى ظنت انها زكام كالعادة إلا أنها لم تكن كذلك، بل كانت النقطة الفاصلة بين حياتها العادية وحياة التميز التي تعيشها الآن.
فقدت منى بصرها لكنها أنارت طريقها ببصيرتها، وشتان بينها وبين البصير الذي فقد الثانية. صحيح أنها عانت لتتقبل وضعها الجديد، حيث يجب عليها دائما أن يكون بجانبها مرافق، وكيف ستجد من تثق فيه فيكون عيناها. (وكانت صديقاتها نسرين و دليلة وآخرون كذلك)
عانت التهميش في سنواتها بالمتوسطة وهذا ما جعل صدمتها تطول، وخاصة أنها كانت في أكثر مرحلة يعاني فيها الانسان من تقلبات وتداخلات للأفكار، في السنوات التي يريد فيها الطفل فرض ذاته وإسماع صوته.
نجحت منى في شهادة التعليم المتوسط واختارت ما قادها إليه شغفها « شعبة الأداب واللغات » كانت متميزة في دراستها لكنها في المقابل أهملت موهبتها في الكتابة. كانت تحتاج يدا تمسك بها وفعل استاذها « بن زين رشيد » ذلك، تقول منى انه كان يأخذ كتاباتها لبيته فيدرسها ثم ينصحها ويوجهها.
في عام 2018 وهي تدرس عامها الأخير في الثانوية شاركت في مسابقة « أقلام بلادي » وكانت التصفيات الاولى داخل ثانويتها لاختيار من يمثلها، طلب زميلها المنافس خواطرها ليغدي فِكره ويتعلم منها إلا أنها تفاجأت يوم العرض بعرضه مجموعة من خواطرها باسمه وافتك منها المركز الأول.
هذه النكسة لم تكن النهاية، ولم تكن السقوط الأبدي بل كانت الإنطلاقة.
نجحت منى في الباكالوريا ووُجِّهت لشعبة العلوم السياسية ليس لأنها تحبها بل كانت الخيار البديل، عندما لم تصل للمدرسة العليا للإعلام والاتصال أو حتى كلية الاعلام والاتصال بنظام « LMD » وتميزت فيها أيضا ومحورتها مع ما ينمي موهبتها.
هي بركات شابة جميلة لها أعمال تُلخص مسيرتها مع أدباء جزائريين وعرب كذلك.
في احدى مشاركاتها مع دار النشر الفلسطينية « طريق القلم المكنون » شدني كقارئ وصفها، كتبت:
« دمعتي لم تتجرأ يوما أن تنزل أمام أي كان
ماذا فعلت بي أيها الزمان؟ إني ألوح براية الاستسلام : أنا لست بائعة للكبريت! لا أحتاج لمدفأة ولا طاولة مليئة بالطعام
ماذا فعلت بي أيها الزمان؟ إني ألوح براية الاستسلام : كنت طفلة بريئة ضحكتي تعلو في كل مكان، واللون الوردي يزين أجمل الهندام «
شاركت منى أيضا في عدة كتب جامعة أهمها » نسائم الروح » وكتاب » أليس في بلاد العرب ».
واعتلت المسارح في عدة مناسبات لتلقي خواطرها وكان لمسرح الاقامة الجامعية عين الباي 03 نصيب من بعضها في يوم الشهيد وعيد النصر وغيرها من المناسبات.
منى بركات لخصت معنى الآيات الكريمة الاولى في سورة الشرح : » إن بعد العسر يسر »
والثانية في سورة النجم « وأن ليس للإنسان إلا ما سعى »
موفقة يا منى لتحقيق أمانيكِ وكنت قدوة لكثيرات فقدن الأمل في إكمال حياتهن. قصتك رسالة أوصلتها بعزمك واصرارك.
بقلم الطالبة: بلحمرة بشرى